ازيك يا سامح!؟
- سامح
- Sep 15, 2023
- 3 min read
مع نهاية الثمانينيات لم يعد احدٌ يسمِ ابنه "سامح" لسبب بسيط هو شخصية سامح عبدالشكور (أحمد راتب) المدرس بقسم الحشرات في كلية العلوم و التلميذ النجيب المطيع لأستاذه دكتور رأفت (فؤاد المهندس) في مسرحية "سُك على بناتك" و التي كانت تُعرَض في كل الاعياد على التلفزيون و تُضحك المشاهدين كثيراً كل مرة مع انهم يكادون يحفظونها عن ظهر قلب.
هذا التأثير - اقصد تأثير العمل الفني- هذا التأثير المُمتَد لسنين انما هو جدير بالدراسة و الُملاحظ أيضاً أنه (أي التأثير) نادراً ما يحدث هذه الأيام.
لهذا إن قابلت أحداً اسمه سامح فإن عمره يتجاوز الاربعين حتى و ان لم يبدُ عليه ذلك.
"ازيك يا سامح !؟"
"چو… ازيك عامل ايه؟"
افتتاحية مكالمة تليفونية من صديقي چو الذي فاجأني بأنه في الغردقة في اجازة قصيرة و يريد ان نشرب الشاي على قهوة بلدي (رسالة الى القارئ: إن كنت تقرأ هذا المقال بعد الف عام من كتابته فليكن معلوماً لديك أننا لا نخلط الشاي بالقهوة البلدي).
لحسن الحظ لم يمانع چو من ان نتقابل في المقهى القريب من المنزل... ذلك لحسن حظي طبعاً، فليس معي من النقود ما يكفي للذهاب لمقهى بعيد ثم دفع حساب المشاريب …
"ماينفعش تدفع طبعاً ده انت ضيفي طالما في الغردقة و بعدين لما أنزل القاهرة ابقى ردها لي…" هكذا تكون الجملة الختامية و نحن ننهض مودعين بعضنا بعضاً…
كانت ظروفي المادية صعبة فعلاً… و النفسية برضه… اكتر من ٨ شهور بحث عن عمل بلا بصيص أمل… كنت افكر وقتها في "ممن اطلب سلفة وكم تكون و كيف يمكن ردها؟"…
كنت مقتنعاً ان هذه الأيام لابد ستمر مثلما مرت ايام مثلها، لكنني ايضاً وصلت لقناعة داخلية لسبب ما، قناعة بأنني لابد ان اصل لهذه المرحلة من الاحتياج حتى اتعلم ان لا أرد سائلاً فيما بعد متذكراً مثل هذه الأيام. لنقل "هذا الدرس"…
اذكر الآن كم من "انسان"، لن اقول "صديق" او "شخص اعرفه" ، كم من "انسان" طلب مني و لم اعطه لأن اسرتي في احتياج… عرفت الآن معنى كلمة "احتياج"…
قد يبدو صديقك في مظهر جيد حقاً و له منشورات رائعة على مواقع التواصل و قد يكون صاحب عمل و لكنه ايضاً "في احتياج" ولا يُظهر ذلك ولا يَعرفُ حتى لمن ولا كيف يعبر عن احتياجه…
فهمت الآن لماذا قال السيد المسيح في حزم قد لا نفهمه من القراءة الاولى… قال في حزم : "من سألك فأعطه" … ليس لنا ان ندرس او نحاول معرفة إن كان من يسأل في احتياج أم لا… ببساطة، ليس هذا من المحبة… لم اكن افهمها قبلاً لكنني اشعر بمعانيها اليوم تحديداً…
چو قابلني على القهوة و حكى لي كثيراً و ارتحت كثيراً لكلمة قالها. قال لي فيما معناه:
"وضعتُ لنفسي معايير محددة و بعض اهداف و أرقام. إن حققتها فإن ذلك يعني أنني سعيد أو لنقل راضٍ. و ظللت اطارد أهدافي من ارقام و معايير و هي تجري امامي كما يطارد الظمآن السراب، ثم تعبتُ و توقفتُ وقلتُ لنفسي: "لماذا اطارد هذه الاشياء و مَن قال انها معيار او سبب سعادتي؟" و بدأت اقنَعُ بأن ما اريده ربما لا يكون ما يناسبني حقاً، و نظرتُ حولي فوجدتني املك فعلاً كل ما يجعلني سعيداً و انني لست في حاجةٍ لمطاردة أي شيئ. أسرتي بخير و أنا في صحة جيدة… ماذا أريد اكثر؟"
لمستْ كلماتُه قلبي كالندى بعد جفاف الصيف. شعرتُ ان زيارته لي لم تكن صدفة بقدر ما كانت رسالة…
لم اعد محتاجاً لأن اطلب منه سلفة حتى تنقض الأيام الصعبة، فقد اعطاني فعلاً ما احتاجه…
كيف يفتقدنا الله و يرسل بعضُنا لبعضٍ بهذا الجمال؟… نعم بهذا الجمال … لو أن ملاكاً حمل لي نفس الرسالة لم اكن لأتعزي هكذا. ببساطة، لأنه ملاك لم يختبر معنى الاحتياج و الحياة بين البشر…
لهذا لم يُرسِل الله لي ملاكاً فيما اظن … أرسل لي … أرسل لي "چو"…
Photo found on Wix

Comments