top of page

التسامح

  • سامح
  • Apr 30, 2024
  • 2 min read

Updated: Oct 19, 2024

تنهار …

اعتذر عن بداية المقال بمثل هذه الكلمة المتشائمة بل الواقعية…


تنهار قيم التسامح والتحضر والعيش المشترك والايثارية واحترام حرية الفرد عند اول اختبار عملي لها.

هذا ليس مفاجئاً بالمرة… لهذا لا أقول "عادة تنهار" أو "أحياناً تنهار" لا أقول أيضاً "غالبا تنهار"، تماماً كما قرأت للتو في افتتاحية المقال، "تنهار القيم عند أول إختبار عملي لها"  هي تنهار مع أول هبوب لرياح الواقع العملي…


الأمثلة لا حصر لها. سأتركك تتذكر وحدك…


كم مرة تزاحم الناس واختطفوا السلع من الأسواق بمجرد توقع احتمال نقص المواد الغذائية بسبب وباء أو حصار أو نقص العملة الصعبة… بغض النظر عن المستوى الثقافي والاجتماعي والخلقي والديني…


يتعرض منزلك للحرق والنهب، لمجرد أن أحدهم أشاع أنه سيكون كنيسة أو مقر شيعي أو معبد يهودي…


تتلقى أسوأ أنواع الإهانات لمجرد أن أحدهم أشاع أنك ملحداً… بالمناسبة، من حقك أن تكون ملحداً وأن تعلن ذلك وأن تدعو الآخرين إلى ما تؤمن به…


هذا الوقور الداعم لقيم التسامح وحرية الرأي والاعتقاد، هذا نفسه هو أول من يرفع السلاح عليك إن نما إلى علمه أنك تحدثت بينك وبين نفسك عن عدم معقولية ما قاله كتابه أو نبيه أو مرجعيته الدينية…


لا يختلف الأبناء عن الآباء فجميعهم، جيل بعد جيل، تقاتلوا واقتتلوا لأجل خلاف في الرأي والمعتقد والممارسة…


كم هذا مؤسف…


كم هذا مؤسف أن تعاليماً سمحة مثل "أحبوا أعدائكم" أو "تبروهم وتقسطوا" … كم هذا مؤسف أن مثل هذه التعاليم تُجَنّب تماماً عند أول محك لإيمان المؤمن بها، بجدواها وصلاحيتها للتطبيق…


"أحبوا أعدائكم"… تحديداً… "أحبوا أعدائكم" تحديداً، لا يمكن أن تُطَبق دون تجديد عميق من الداخل لمن يريد أن يحيا بها…


"تبروهم وتقسطوا" تحديداً، ورغم منطقيتها وبساطة القيام بها إذ تبر وتقسط لمن لم يقاتلك، رغم منطقيتها وبساطتها إذ أنها ليست بالوصية العسيرة في رأيي، مع ذلك،  إن استطعت فعلها مرة فلن يمكنك أن تستمر في فعلها دون أن تسمو نحو "أحبوا أعدائكم"… إن لم تسمو نحو تلك فمن المؤكد أنك ستنتكس عند هذه…


إقرأ التاريخ وانظر داخلك لتتيقن مما أقول…


لا يمكن للإنسان أن ينمو في الخير والصلاح والفضيلة بمعزل عن منبع الصلاح والخير والفضيلة…


لا يمكن لمن ينمو نحو الله أن يستمر في هذا النمو دون تغيير جوهري داخلي بفعل الخالق نفسه… دعني أسمي هذا التغيير الجوهري كما أسماه السيد المسيح في حواره مع نيقوديموس "ولادة جديدة"…


لهذا ليس ممكناً لمن لم يتقابل مع المسيح - بغض النظر عن معتقده وديانته حتى لو كان مسيحياً - ليس ممكناً لمن لم يتقابل مع المسيح أن ينمو نحو الله ويحيا "أحبوا أعدائكم"…


إن كنت لا تصدق ما أقول فاستمر في التدين والتلاوة والصوم والصلاة وأنظر إلى أين تأخذك أعمالك من دون المسيح…


فراغ مقيت و خواء صارخ…


هذا (الفراغ الصارخ) في حد ذاته مؤشر جيد، لأنه نداء داخلك إلى الله أو بالأحرى نداء الله داخلك فلا تتجاهله وتعال سريعاً. لم يعد هناك وقت…


Photo credit goes to “The Chosen”


Kommentare


  • Facebook
  • Twitter
  • Instagram

مدونة وجدني

تواصل

اسألني و شاركني افكارك

شكراً للتواصل

bottom of page