الثقب الأسود (٢)
- سامح
- May 22, 2023
- 4 min read
Updated: May 27, 2024
لم استطع ان اتمالك نفسي فضحكت ايضاً وقلت:
"لما بتتعصب، المترجم الفوري بتاعك بيقلب عامية مصرية… ها ها ها … حلوه … لأ حلوه فعلاً…"
"عجبتك دي قوي !؟… تموتوا في التفاهة…"
"لأ بص ما تلبخش ده مجرد مترجم موش هايسد قصادي. انا ٤٣ سنة باتكلم عامية و ممكن اقول شعر بيها كمان ولا صلاح چاهين … شوف انت مين و انا مين… ما بلاش خلينا ساكتين … ايه لازمة ال…. ما علينا... انا المفروض باكتب اللي انت بتقوله بالفصحى فبعد اذنك نرجع فصحى و اوعدك موش هانرفزك تاني تمام ؟… اخبرني بقى من فضلك… كيف سافرت من مَخرَّة شربمهانة الى الارض في مَجرَّة درب التبانة ؟"
الحركة الكونية العكسية… هل سمعت عنها من قبل؟
لا
ما حدث، هو ان عالمك و عالمي تقابلا زمنياً خلال حركتهما الكونية العكسية في الزمن فحدثت حالة من الرنين ادت الى فتح بوابة كونية بين العالمين بسبب تدفق الطاقة الكمية… دعني اشرح لك … الزمن محور مثل محور x و محور y او دعنا نقول محور س و محور ص لان تعليمك مجانياً … فاذا كان عالمك يتحرك زمنياً في اتجاه معين فإن عالمنا الذي يحوي ثقبنا الاسود يتحرك زمنياً في اتجاه معاكس … ليس معنى هذا ان ثقبنا في اتجاه سالب … سالب ليس سيئاً بالمناسبة هو فقط معاكس للاتجاه الموجب ان علموك هذا في مدرستك الحكومية… ماهو سالب بالنسبة لميزانيتك هو موجب بالنسبة لميزانية حكومتك ان كنت تفهم ما اقول… اظنك لا تعي هذا… الم يقولوا لك ان الضرائب في مصلحتك؟ حتى هذه لا تفهمها اليس كذلك؟
لا داعي للاستهانة بتعليمي الحكومي … انا افهم ما تقول… احكي لي عن عالمك… من هم الظلاميون و الظلاليون و ماذا حدث لحضارتكم الظلامية في ثقبكم الاسود؟
صنع اجدادنا الظلاليون و الظلاميون حضارة كهفية ظلامية عميقة متجزرة في ظلام الثقب البارد… يبيعون و يشترون و يحفرون ويتسابقون و يكسبون و يخسرون و حكومات و عدالة اجتماعية و انظمة متحررة و اخرى متحفظة و تبادل سلطة و احزاب و دساتير وقوانين و كل شيء…
ثم ماذا…
ثم اتى حامل المصباح…
من هذا؟
شخص غريب اتى من خارج الثقب يحوي مصباحاً مكان النقطة المضيئة في تكوينه…
تقصد النقطة المضيئة التي في الظلاليين كما نقطتك المضيئة هذه…
نعم ، مكان هذه، مصباح مضيء مبهر النور، كلما تقترب منه و تسمع منه و تتعامل معه كلما اتسعت النقطة المضيئة حتى تصبح مصباحاً و هكذا تصير مثله حاملاً مصباحاً … ظلاً منيراً… لا ظلاً معتماً… هل تفهمني …؟
نعم يمكنني تخيل هذا…
بمرور الوقت تحول كثيرون الى حملة مصابيح و اختلف شكل الثقب… احتوى اخيراً مصابيح منيرة…
هل هذا جيد ؟! …
هذا مهيب و مخيف من بعيد لكنه رائع جداً عن قرب…
ثم؟
لم يعجب هذا الظلاليين و الظلاميين، لانه يغير طبيعة كل شىء… كل شيء ينير تدريجياً و يصعد من الكهوف نحو النور… الطبيعة الظلالية و الظلامية تصير منيرة… هذا لم يكن مقبولاً…
ماذا فعل الظلاليون و الظلاميون اذن؟
اقاموا حرباً ضد حملة المصابيح… وضعوهم في السجون السفلية و استخدموا كل وسائل العنف حتى ينزعوا مصابيحهم منهم… واذ احتفظ الكثيرون بمصابيحهم… شطرهم الظلاميون الى اشلاء آملين في انطفاء المصابيح…
ان يُشطَر الظلالي ، يعني ان يموت بمفهوم المجسمين امثالي… اليس كذلك؟
نعم و لكن ليس موتاً بمفهومكم، انما تلاشياً كلياً … يصير الظل او الظلام كلا شيئ… كأن لم يكن… فناءاً كاملاً…
هل قضى الظلاميون على حملة المصابيح؟...
حدث العكس…
كيف؟…
كلما شطروا حامل مصباح… ارتفع المصباح لاعلى عكس جاذبية الثقب… و اضاء بقوة كما البرق… و بينما المصباح يصعد … ينير نقط الظلاليين و يحولها مصابيح فيصبحون من حملة المصابيح… حتى الظلاميين كان كثيرٌ منهم يتحولون الى حملة مصابيح…
هذا جيد… اليس كذلك؟
كان رائعاً الى ان غزا الثقب ظلاليو السديم…
من هؤلاء؟
ظلاليون من سديم البيداء الشرقي…
ماذا فعلوا؟
اوقفوا حملات الشطر و سمحوا للجميع بالتعايش في سلام بشرط ان يترك حاملوا المصابيح مصابيحهم في منازلهم فلا يحملونها في الخارج و ان يغلقوا النوافذ فلا يتسرب النور… و امروهم بوضع سحابات من السديم فوق المصابيح فلا يظهر نورها…
و هل استجاب حاملوا المصابيح؟…
آثروا السلامة لهم ولابنائهم و فضلوا العيش في سلام و العمل بالحرف و التجارة دون المشاركة في الحكم و السياسة او المطالبة بحقوقهم لانهم غرباء في الثقب كما يقولون، و اكتفوا بحمل المصابيح حينما يجتمعون معاً… يفرحون بمصابيحهم و ينزعون سحابات السديم و ينيرون جميعاً … لكن متى خرجوا من بيوتهم… يتركون مصابيحهم و يتعاملون مع ظلالي السديم بلا مصابيح…
هذا جيد اعتقد… لكل كائن ، الحق في ان يحمل مصباحاً او يظل ظلالي او ظلامي طالما لا يضايق الاخرين… جميل ان نتعايش معاً…
ما حدث بعد ذلك ليس جميلاً…
لماذا؟
بدأت المصابيح في الانطفاء التدريجي و سادت البرودة و الظلام و اصبح الظلاليون مظلمين اكثر و باردين اكثر … شمل الظلام الكل من العامة الى الحكام العسكريين المنفردين بالسلطة ، ثم قامت حروب الكبرياء و التعصب ، ثم جفت انهار الطمي الاسود و ساد الفقر ، و هدمت الحضارات نفسها بالقسوة و الجهل و الكبرياء…
و حاملوا المصابيح ؟
صاروا اقلية ذليلة مقهورة… ليس لهم صوت و لا تأثير و اصبحوا مثل الجميع و اصابهم مما اصاب الكل…
لماذا اذن لم يحاولوا اقناع الظلاليين و الظلاميين باهمية المصابيح ان كانت فعلاً مهمة…
ان تتحدث عن النور شيىء و ان تتلامس مع النور شيء اخر … ان كنتَ ظلامياً فإن النور عدو مخيف و جهل و ضعف… يستمر ذلك الاعتقاد حتى تتشجع و تقترب من المصباح … حينئذ فقط يمكن ان تتحول … و تصير منيراً… حينئذ تنفتح و تفهم …
لو كنتُ مكان حملة المصابيح، لما اخفيت مصباحي حتى لو شطروني…
ماذا تعمل لكسب العيش يا صديقي…
اعمل مهندساً في شركة انظمة متكاملة عريقة…
احكي لي عن عملك… بينما تصنع لنا فنجاناً من القهوة السوداء بدون سكر...
Photo credit is unknown to the author

Comments