الحب الوقور

إيه ده بقى؟

أن تحب دون ان تفقد عقلك. أن تحب بوقار، فتقول لحبيبتك حالما تصل البيت بعد يوم عمل شاق:

"مساء الخير يا أم الأولاد. إفتقدتُك اليوم كثيراً. ماذا طبختِ (طهيتِ) لنا بيديك الحلوتين؟"

طبعاً بما أنه حب وقور، فمن المؤكد أن حبيبتك هي أم الأولاد، و أن ما تُعدّه لك من طعام، هو اجمل ما تتذوقه في هذه الحياة المرة…

الحب الوقور حب عاقل، حذر، ينمو في هدوء و رزانة. لا يظهر خوفاً من الحسد، ولا يخاطر خوفاً من الخسارة، ولا يشتعل كي لا ينطفئ… حب مستدام إن جاز التعبير، يضرب بجذوره في الاعماق، و ينمو بهدوء و ثبات دون وثبات.

أعرف محباً ترك قصره الجميل، و ارتدى ابسط الثياب، و عاش مكافحاً بين العمال في الحقل ليلقى حبيبته و يخطبها لنفسه.

حبيبته التي لا يمكنها ان تقترب منه، و كيف تراه وقصره فوق السحاب، وهي الفقيرة الجريحة المستعبَدة.

قالوا له: "هي مدينة لنا بحياتها اذ قد باعتنا نفسها فلا يمكن ان تصير لك."

قال: "ادفع الثمن…"

أخذوه خارج الحقل و رفعوه معلقين إياه على خشبة.

كان حباً جنونياً علنياً مشتعلاً لا يهاب الموت. لم يكن حباً عاقلاً.

الآن حبيبته تُزَف اليه رافعة رأسها حرة أمام جلاديها وقد كساها الحب ثوب الخلود و توج رأسها إكليل مجد الظافرين.

و الموت لا يوجَد فيما بعد.

ما ابهاها! تشبه حبيبها كثيراً.

تشع نوره وسط ظلمة القفار.

تنشر دفء محبته في جسد الانسانية البارد.

لا تخافي يا جميلة. لا تخافي منهم. لا تخشي الحب. الحب ليس وقوراً ولا عاقلاً ولا هادئاً ولا حذراً لكنه يحيي و يحرر و ينتصر.

Photo found on Wix