top of page

الزمن

  • سامح
  • Sep 4, 2023
  • 3 min read

Updated: Oct 19, 2024

هل تسائلتَ يوماً حينما تحدد موعد مقابلة مع شخص ما… هل تسائلت يوماً ماذا تعني كلمة "غداً"…؟


"دعنا نتقابل غداً"...


ببساطة: "غداً" اي بعد غروبٍ واحد ثم شروقٍ واحد للشمس.


إن لم تغرب الشمس او تشرق فلا يمكن تحديد الغد.


علمونا في الفيزياء ان الزمن هو العامل المستقل الوحيد و أن كل العوامل الأخرى هي عوامل تابعة تتغير بالنسبة للزمن … اليس كذلك؟


حسناً… إنه ليس كذلك …


الحقيقة أنه لا يوجد عملياً ما يسمى "الزمن"… إنما توجد حركة تغيير تحدث بمعدلات سريعة او بطيئة بالنسبة لحركة تغيير أخرى.


الزمن هو فقط اختراع ضروري لتسيير الامور و رصد حركات التغيير و لكنه ليس عاملاً (لا يغير شيئاً كما تفعل الحرارة مثلاً) ولا ظاهرة ولا كائن ولا شيئ…


إن لم يوجد شروق و غروب … إن لم توجد حركة... إن لم يوجد تغيير، يصبح الزمن غير ذي قيمة… لا أقول "ليس له وجود" ولكنه غير ذي قيمة لأنه لا يوجد شيئ او طاقة او عامل يمكن تسميته بالزمن.


الزمن هو مجرد مقياس. اداة قياس التغيير و هو في حد ذاته ليس عاملاً و ليس مستقلاً كما علمونا في الفيزياء.


اذا كنتَ تذهب لعملك ثم ترجع يمكنك ان تحدد ميعاداً قائلاً: " قابلني بعد مرتين من ذهابي للعمل" ...

يمكنك ايضاً ان تقول: "بناء هذا المبنى قد يستغرق ٦٠ ذهاباً للعمل"...

يمكنك ان تنسب سرعة سيرك بالسيارة الى ذهابك للعمل فتقول: "اسير بسرعة ١٠٠٠ كم/ذهاب (اي ذهاب للعمل)...


قد يدهشك اننا نتحدث عن الزمن بطريقة تدعو للتأمل حقاً فنقول:

"إمتى الزمن يسمح يا جميل؟" بلحنها الموسيقي المفعم بالرجاء...

أو:

"دلوقت ليه يازمان ما بقتش زي زمان؟"


و نستمر في تصوير الزمن كأنه القطار الذي لا يتوقف و نسعى جاهدين لإبطائه أو نسلم لسطوته و قدرته على تغيير الأمور و الإتيان بالخير و نحزن احياناً من عمله المستمر على انهاء كل اشكال القوة و الحماس و الشباب و القدرة و الحياة ... كل الاشياء تسير للإضمحلال ثم النهاية بمرور الزمن...


و ايضاً الكثير من الأشياء تنمو و تزدهر بمرور الزمن...


هذا عجيب حقاً لأن الزمن لا وجود له... انما التغيير يحدث للموجودات...


إن تخيلنا أن توقف الارض عن الدوران لا ينتج عنه نهاية الكون... إن تخيلنا أن الأرض توقفت، فهل يعني هذا أن حركات التغيير الأخرى توقفت؟


إن توقفت الارض عن الدوران بينما القاهرة في مقابل الشمس فإن الساعة التي نعرفها في القاهرة ستتوقف عند الثانية عشر ظهراً بينما الكون يتغير و ستمضي الى عملك و تعمل بسرعة و بعد خمس ساعات من هذا التوقف (خمس ساعات على ساعتك التي لازالت تدور) بعد خمس ساعات على ساعتك ستمضي عائداً الى بيتك ولا تزال الشمس في كبد النهار عمودية على القاهرة و ستضحك و تقول "اني عائد من عملي ولازالت الشمس على وضع الثانية عشر ظهراً.... يالها من ظاهرة عجيبة!؟"...


إذن "الزمن" ما هو إلا أداة قياس لسرعة ما يحدث حولنا من تغيير صنعته (أي صنعت التغيير) قوة قادرة على إحداث تغيير... اليس كذلك ؟


حسناً... هل سيتوقف الزمن في الحياة الأبدية؟ اعدك أن أجيبك عن هذا السؤال حالما أجرب الأمر و يُسمح لي بالحديث عنه. ربما ستعرف انت أيضاً حينما تختبر الحياة الأبدية... على كل حال، لنتفق أن من يختبر أولاً يخبر الثاني ولكن... لماذا يتوقف الزمن؟


ليس الزمن موجوداً وهو لا يفعل شيئاً كما اتفقنا... دعنا نعيد صياغة السؤال ونقول: "لماذا نريد أن تتوقف حركة التغيير؟"


السؤال بهذه الصياغة يجعلنا نفهم موقفنا من الزمن (حركة التغيير) بصورة أفضل... نحن لا نريد توقف التغيير، إنما نريد توقف حركة الإضمحلال نحو الفناء أو الموت. نريد توقف حركة زوال ما نحب لكننا حتماً لا نريد توقف الحركة (التغيير) الذي ينتج عنه تواجد ما يسعدنا...


الأبدية إذن قد لا تعني توقف حركة التغيير (الزمن) قدرما تعني توقف حركة الفناء. توقف حركة الحزن. توقف حركة الفقدان. توقف حركة الألم.


إن استمرت حركة الخير و الحب و الحياة و المعرفة البناءة إلى ما لا نهاية، فإن ذلك سيسعدنا على الأرجح.


على كلٍ: ما يعنيني حقاً في هذا الأمر هو هذا السؤال: "من يصنع حركة التغيير؟" و ليس "مدى إيجابية أو سلبية التغيير من وجهة نظر الملاحِظ له أو من يتأثر به"


من يفعل التغييرات و من يحدد طريقة عملها و سرعة تغيرها بالنسبة لبعضها ؟... هل هو الزمن؟ هل الزمن هو العامل المستقل الوحيد؟


في ظني: الاعتقاد بأن هذا المقياس (أو أداة القياس) المُسمى "زمن" هو عامل مستقل، ما هو إلا محض وهم اخترعته إرادة انسانية حرة بغرض استبعاد الإله من المعادلة الكونية. اليس كذلك؟ لست اعرف تحديداً الآن... ربما يسمح الزمن لي أن أعرف فيما بعد...


Photo credit goes to Wix


Comments


  • Facebook
  • Twitter
  • Instagram

مدونة وجدني

تواصل

اسألني و شاركني افكارك

شكراً للتواصل

bottom of page