المقهى
- سامح
- Jul 13, 2022
- 2 min read
المقهى هادئ والشاي جيد… آتي الى هنا عادة كلما اردت ان أتأمل الناس … مذاهبهم في ما يعشقون… شكراً لك أنك قبلت دعوتي… انه لذوق منك ان تأتي و تحتمل ثرثرتي رغم اننا لسنا فعلاً اصدقاء…
ربما لم تُرِد ان تخذل دعوتي لأنك متدين و على خلق…
أتعرف؟ ليس سهلاً ابداً ان تكون متديناً… لابد انك تخسر كثيراً من مباهج الحياة مقابل ان تلتزم بما يرضي الاله الذي تعبده…
اتظن انني م ل ح د اً ؟ لست كذلك لكنني لست متديناً ايضاً… في الواقع تبدوا الحقائق الايمانية - بالنسبة لي على الأقل - حقائق فعلاً لا تحتاج لأي جهد لإدراكها و الايمان بها…
الا ترى معي ان الكثير من الفلاسفة على مدار التاريخ توصلوا لتلك الحقائق دون الحاجه لأي عمل معجزي او رؤى خارقه، اليس كذلك؟…
لم يرو لنا اخناتون انه رأى رؤيا ليدرك انه لابد ان يكون هذا الاله واحد وان هذا الاله بالتأكيد ليس حجراً مصنوعاً و بما انه خلق الكائنات فهو ليس اياً منها… ذلك بديهي… اليس كذلك ؟… تتعجب الآن انني لست متدينا مثلك … لك الحق في ان تتعجب …
كثيرون من المؤمنين بهذا الاله الواحد يتحدثون عنه و حينما تسمع من كل منهم ما يقوله عن الإله الذي يعبده تكتشف ان كلاً منهم يتحدث عن اله غير الآخر… يكاد يكون الهاً لكل مؤمن… الم تلحظ ذلك؟ هذا يعتقد ان الاله سيدٌ كريم و عادل و يحب الخير الا انه يأمر بالقصاص من فاعلي الشر حتى لاينتشر بين الناس…
آخر يعتقد ان الهه أتى الى الأرض مولوداً و عاش بين البشر و عُلِّق امام آلاف من الناس ثم قام من ال م و ت و ظهر للبعض مِمّن آمنوا به…
المؤمنون بهذا الإله لهم افكار غريبة حقاً و تبدو ضرباً من جنون. إن كان الاله الذي يعبدونه معلّقاً على خشبه فالمؤمن به على اتم استعداد ان يقبل الالم و الاهانة بفرح و يتمنى الخير ل ق ا ت ل ه كما فعل الهه و قد يعتقد ان قبول آلام ا ل م و ت هذه هو سبيله عبوراً الى الحياة… هذا عجيب جداً…
هؤلاء غير مُرحبٍ بهم اينما وُجدوا… في الغرب يُنظَر اليهم على انهم متشددين يائسين و مقيدين للعلم و الحرية و في المجمل ضد الانسانية الحرة المتطورة… و في الشرق هم مشركون او كفار او يحتاجون للهداية على افضل تقدير…
لكن السؤال الذي يدور في ذهني الآن: لِمَ قد يقرر الهٌ خلق انساناً ان يتراءى لهذا الانسان في شكل بشري و يتحدث معه و يقبل منه ان يهينه الى درجة ان يعلقه على خشبه؟
يقولون انه الحب ؟ اليس هناك طريقة اقل ايلاماً للتعبير عن الحب ؟
سؤال آخر: ان كان هذا الاله قد احب الى هذه الدرجة… الا يمكنه ان يتواصل مع البشر الآن كما تواصل معهم قبلاً بظهوره في هيئة انسان؟
قل لي انت… الم تحاول قبلاً ان تتحدث اليه؟ ان تسأله؟ اياً كان ما تعتقد انت فيه؟ الا يجيبك ؟
لماذا اتحدث معك عنه و اطرح الاسئلة امامك يا صديقي على هذا المقهى الصاخب؟ اولى بي ان اتوجه اليه و اسأله صراحة و لابد ان يجيب لأنه يحب؟ او لأنه كائن؟ او لأنه حي؟ او لأنه يسمع؟ اليس كذلك؟
عذراً … علي ان اذهب الآن و قد نلتقي قريباً على هذا المقهى او ذاك…
Photo found on Wikipedia: La salle dAkhenaton (1356-1340 av J.C.) (Musée du Caire) (2076972086).jpg

Comentarios