رحلوا

رحل المحاربون ولم يعرفوا ان شيوخ القبيلة تفاوضوا على الحسناء التي دفعوا مهرها دماً سائلاً على ثنيات ثوبها الفضفاض البدوي.

رحل الثوار ولم يعرفوا ان النواطير باعوا بالبخس ما اشتروه بورد شبابهم المبعثر على جنبات الطرقات في قرية بهت الاخضر فيها وصار طوبي اللون اسمنتي الملامح…

انا ممتن لانهم رحلوا  ولم يشهدوا ما شهده هذا الجيل البائس المسافر بلا خارطة والباحث عن من ليس لها عنوان كما غنى عبدالحليم صدقاً في لحظة استنارة نادرة.

تركوها، تركوها مهجورة، تركوها لذئاب الصحراء تعقر بنيها ثم قالوا لهم:

" ارحلوا حفاظاً على حياتكم"

ثم هجَّروهم من خيمتها خزياً لهم ولا يخزون ولا حياء في وجوههم…

اما هي فعاشت ثكلى مستوحشة لا يمر بأرضها سوى ذئاب الصحراء تخطف و ترجع لاوكارها.

"ستشيخ مع الايام فنعطيها بغير ثمن لطالبي نفسها كما فعلنا بالتوأمتين الصغيرتين..."

سيمضي الجيل ولن يكترث احد… كل ثور في ساقيته يدور..."

"لكن، كيف نعطيها هكذا؟ سنفتضح…"

"حسناً ليأخذوها بالقوة كأننا لم نُرد… كأننا لم نُرد ولكن ماحدث قد حدث…"

"عروها في الكرم ولم نكن نريد ذلك ولا احببناه لكن، ما كان قد كان..."

"هم عروها…"

"هم اخذوها…"

"هم ذئاب…"

"هم ذئاب ونحن اجراء والخراف ليست لنا فما لنا بهم؟"

"لنا اجرة نأخذها ونمضي… نأخذ أجرتنا ثم نمضي كالابطال في كتب التاريخ … انظر، في كتب تاريخ الاطفال نحن الابطال… والاطفال لن يكبروا ولو كبروا لن يتعلموا و لو تعلموا سوف ينسون وهم يدورون الساقية… سوف ينسون…"

Photo found on Her News