يخجل ان يقولها

الم تلاحظ ذلك في حديثه؟ انه يقول نفس المعاني و يخجل ان ينسبها لصاحبها لئلا يثير حفيظة اصدقائه.

اعني انه يقول لك احياناً في سياق حديثه: "و احنا لو عملنا كده يبقى زينا زيه… ايه الفرق طيب ؟ انما احنا نعمل الصح معاه بغض النظر هو هايرد الخير بخير ولا لأ"… او يقول لك مثلاً: "ده ربنا بيرزق الطير ولا هو بيزرع ولا بيخزن يبقى موش هايرزقنا ؟"…

و قد تحكي له كيف يجب ان نتجنب بعض الاشياء و الكائنات لنحفظ نقاوتنا فيجيب: "اللي جوه القلب هو اللي لازم ينضف مالوش علاقة باللي بره"…

لا يقول لك "كما قال السيد المسيح" او "النبي عيسى بن مريم" او حتى "يسوع" … انما يقول كلماته بتصرف ، ان جاز التعبير…

اعتقد انك لو اخذت تلك الكلمات و اعتبرت انك لا تعرف من قالها و لا في اي حقبة تاريخية قيلت او ما خلفيتها الثقافية و قلت مثلاً: "كما قال الحكيم يوماً " أو "قيل من قبل" ثم استطردت الحديث قائلاً: " احبوا اعدائكم لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي فضل لكم؟ الخطاة ايضاً يفعلون ذلك…" تجد الكلمات على قوة معناها الذي يدعوا لمحبة الأعداء … على قوة هذا المعنى، تبدوا الفكرة منطقيةً بل و بديهيةً جداً…

اذا تأملت ان المطر يحمل الخير للجميع دون تمييز … تستطيع ان نفهم معنى أن تحب الجميع بلا تمييز… هذا منطقي جداً اليس كذلك؟

حقاً ان لطمك احدٌ على خدك فقمت بالرد بلطمةً على خده فكيف تتوقع ان يتطور الموقف؟ انما اذا اتبعت الحكمة التي تقول "من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر" أي تقبّل اللطمة و انتظر المزيد دون مقاومة… لابد ان هذا يؤول الى هدوء الموقف بما انك لا يمكن ان تطفئ النار بالنار و لا ان تنتصر على العنف بعنف مماثل او اقوى… هذا بديهي… اليس كذلك؟

اتعجب احياناً كثيرة كيف حمل هذه الكلمات للعالم صيادون بسطاء و قبلوا الآلام بفرح لتصل هذه الكلمات المنطقية جداً للكثيرين من الناس في ذلك الوقت و كيف قاوم الكثيرون هذا المنطق على بساطته و كم الحب الذي يحمله في طياته… لماذا قد يغضب احدٌ او يُستَفز حين يسمع كلماتٍ مثل هذه؟

اعجب اكثر لأن عمالاً بسطاءً قد قبلوا ا ل م و ت في ليبيا فقط لأنهم يؤمنون بهذا المنطق…

و كأن الكلمات ما تزال تعمل و كأن المنطق الذي تحمله يتجسد في نفوس المؤمنين به…

و كأن قائلها حيٌ و لا يزال يجول يصنع خيراً و يقبل الالم من جيل بعد جيل…

Photo found on jw.org